قدر الكائنات جميعها -ومنها الإنسان- أن تولد, ومصيرها أن تموت.. وهذه مسألة طبيعية إذ أننا إلى هذا اليوم لا نجد مفرّا منها, وبالنسبة لباقي الكائنات, فلا يهمها تلغيز الولادة أو الموت, بالرغم من أن بعض الحيوانات مثلا يحزن على فقدان أحد أفراد المجموعة عند موته, لكن لم نرى فيلا قام برحلة حول العالم باحثا عن الخلود! بل إن الخلود لا يعنيهم بشيء..
وبالنسبة للإنسان فالولادة لا تعنيه كثيرا أيضا ولا تخيفه, فهي معروفة ومفهومة! إذ يولد, فهو يأتي من مكان معروف آمن إلى حضن أبويه, لكن عندما يموت! فهو لا يعرف إلى أين سيذهب, أكثر ما يعرفه بأنه سيفقد الحياة, وفقط!
فيقف ابن المعرفة (الإنسان: وأقصد الإنسان المفكر) حائرا أمام لغز الموت وخائفا, وباحثا منذ فجر التاريخ عن حل هذا اللغز..
ومن الناس من يظن بأن هذا اللغز لا يعنيه بشيء, لكن إذا انتبه ودقق في حياته سيجد بأنه لا شك مؤمن بفكرة ما يعتبرها جوابا له: "بعد الموت يوجد عالم البرزخ إلى أن تحين الساعة فيبعث الناس من جديد", أو " تنتقل الروح بعد موت الجسد إلى حياة أخرى في جسد جديد (التناسخ) ", أو "تنتقل مباشرة إلى الجنة أو الجحيم", أو"تعود الروح إلى النعيم الأبدي (الوعي الأسمى)" .. إلخ
لم يعد أحد بعد ليخبرنا الحقيقة – محمود درويش.. فيلسوف الشعراء
فلما كانت هذه الفلسفات غير قابلة للتحقق, ومن خلال البحث في الفضاء والابتعاد أكثر من سماء كوكبنا وعدم إيجاد مكان قد يسمى "الجنة" أو مكان قد يسمى "الجحيم" , فالغالب إلى الآن بأننا بعد الموت نعود إلى ما كنا عليه: غبارا كونيا..
إن صديقي ميْتٌ ويصعب علي إقناعه بتناول الطعام - نيتشه.. شاعر الفلاسفة
ولا يهم في الحقيقة ما هو المكان الذي قد نذهب إليه بعد الموت, فمع التطور التكنولوجي الذي تشهده هذه الحقبة البشرية قد يهمنا أكثر أن يأتي اليوم الذي لا نموت فيه!
ولتوضيح آلية الخلود يجب التساؤل بداية حول: ما هو الذي سينال الخلود؟ الجسد أم الروح (إن كان للروح معنى دون الجسد)؟ أم كلاهما؟
Connect with us